خصخصة التعليم فى مصر و آثارها على جهود التنمية

دراسة من إعداد /عبدالناصر إسماعيل
nasser_256@yahoo.com

انا ابن الفقرا

اللى زارع ارضها ورد وفل وياسمين .

انا ابن الفقرا

اللى دافع عن شرفها وعرضها والطين .

انا ابن الفقرا

اللى ميت فى ترابها عشق وحنين .

انا ابن الفقر ا

اللى قدس الحياة سنابل وميا ونسيم .

انا ابن الفقرا

اللى من ذله وعرقه بنيتوا قصوركم ولبستوا حرير .

انا ابن الفقرا

اللى من صرخته تحضنه الشمس وتجبله نهار جديد

تمهيد:

يظل التعليم و التعلم هو الصفة الملازمة والمرافقة للإنسان منذ ولادته حتى
مماته ،وقدرة الإنسان على التعليم والتعلم تزيد من قدرته على التواصل مع
البيئة المحيطة به والتفاعل مع المعطيات الخارجية وتعزز قدرته على
الاختيار.

وقدرة الدولة على توفير تعليم جيد للجميع يزيد من تعاظم قوتها البشرية
والاجتماعية والاقتصادية فالتعليم ليس ضرورة حياتية وإنسانية فحسب، ولكنه
أيضاً ضرورة اجتماعية واقتصادية .

من هنا يعتبر حق الإنسان فى التعليم حق أصيل لا يمكن النكوص عنه أو
التحايل عليه، وهو حق للجميع دون النظر إلى التفاوت الإجتماعي والإختلاف
المذهبي أو الديني أو العرقي ، ونود أن نشير إلى أن التعليم المقصود
والمأمول هو تعليم ذو أهداف واحدة وإنسانية والذي لا يتفاوت حسب السياسات
الاجتماعية للدولة أو حسب الموقف من الآخر .

وحق الإنسان فى التعليم حق نصت عليه المواثيق الدولية كالإعلان العالمى
لحقوق الإنسان لسنة 1948 المادة (26) والتى تنص على أن " لكل شخص حق فى
التعليم ، ويجب أن يوفر التعليم مجاناً على الأقل فى مرحلتيه الإبتدائية
والإعدادية ".

وكذلك الحق فى تعليم يضمن تكافؤ مستويات التعليم فى كافة المؤسسات
التعليميةالعامة فى نفس المرحلة ، وتعادل الظروف المتصلة بجودة التعليم
المقدم ونوعيته كان من أهداف الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز فى مجال
التعليم التى اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم
والثقافة سنة 1962،وتذهب الأتفاقية ايضاً إلى الغاء أية أحكام تشريعية او
إدارية تنطوى على تمييز فى التعليم ، وأيضاً أتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989
. وقد حددت الأمم المتحدة أهداف التنمية الألفية فى ثمانية أهداف وهى
الأهداف المستهدفة بحلول سنة 2015 والهدفان الأول والثاني ينصان على:
1- استئصال الجوع المفرط والفقر المدقع- خفض نسبة السكان الذين يعيشون
بأقل من دولار واحد إلى النصف.

2- تأمين تعميم التعليم الإبتدائي – ضمان إكمال الأولاد والبنات المساق
الدراسي للتعليم الإبتدائي . ومن الواضح أن تعاقب الهدفين يبين أن هناك
علاقة عكسية بين قدرة الحصول على التعليم وبين الفقر، وبالتالى فالحصول
على التعليم يتطلب إتباع سياسات تهدف إلى القضاء على الفقر ·
وفيما يتعلق بمصر نجد أن الحق فى التعليم المجانى حق نص عليه الدستور
المصرى وظل هذا الحق معمول به منذ نهاية الاربعينيات للقرن الماضى وتعزز
هذا الحق مع ثورة يوليو ثم بدأ فى التراجع مع العصر الساداتى ثم يزيد مع
النظام الحالى ، والحقيقة ان التراجع تمثل فى زيادة كلفة التعليم التى
أصبحت مضنية لفئات واسعة من المجتمع المصرى .

ومع زيادة الاندماج فى الاقتصادالدولى ( الجاتس) تعرض القطاع الخدمى فى
بلدان العالم النامى لهجمة من القوانين الهادفة إلى خصخصة الخدمات التى
تمثل الرئة التى يتنفس منها الفقراء والفئات المحرومة ولم تكن مصر
استثناء لهذا السياق فقد سنت قانوناً جديداً يستهدف خصخصة التعليم وهوقانون
( ضمان جودة التعليم والاعتماد ).

وتأثير خصخصة القطاع التعليمى فى مصر على التنمية البشرية سيكون كبير
وخصوصاً مع معدلات الفقر المرتفعة ،فمن المتوقع أن زيادة كلفة التعليم
سيحرم الفقراء من فرصتهم فى تعليم جيد .

وفى هذه الدراسة سنحاول الربط بين الفقر وإمكانية الحصول على التعليم فى
ظل إتباع الدولة لسياسة ادفع لتتعلم ، وفى سبيل ذلك سنتبع منهج تحليل
البيانات ورؤيتها فى إطار التوجهات الدولية والمحلية ، وبيان إلى أى مدى
ممكن أن تتفاقم مشكلة التعليم فى مصر، فى حالة اتباع آليات السوق فى
التعليم ،وسنحاول ايضاً أن ندعم هذا المنهج بالأخذ فى الأعتبار المعايشة
اليومية لمشاكل التعليم فى مصر وايَضاً الإلتباس أحياناً بالموروث الثقافى
والشعبى الذى ينظر إلى التوجهات الحكومية والمتغيرات الدولية بعين
الريبة والخوف . وقد يكون غريباً الاعتماد على الموروث الثقافى والشعبى
كأحد الآليات الداعمة للتحليل فى هذه الدراسة لكن لما لا ؟ وهذا الموروث
هو حصيلة خبرة ومعايشة طويلة ومريرة لواقعنا وبالتالى لايجب أن يستبعد
وخاصة أن حملة هذا الموروث الثقافى والشعبى هم المستهدفون من أية تنمية .

هذا وسوف يتم تناول موضوع الدراسة من خلال عدد من المحاور حيث نتناول
الوضع الراهن للتعليم ضمن نطاق المحور الأول ، فى حين يتناول المحور
الثانى دور القطاع الخاص فى العملية التعليمية بينما يتناول المحور
الثالث علاقة الفقر بالتعليم فى مصر ، فى الوقت الذى خصصنا فيه المحور
الرابع لاستعراض وضع التعليم فى ظل آليات السوق ، ثم أردفنا ذلك بتداعيات
الخصخصة على التنمية البشرية ضمن المحور الخامس ، وخصصنا المحور السادس
لموقف الأحزاب والقوى السياسية فى مصر من خصخصة التعليم وذلك من واقع
المناقشات التى تناولت قانون ضمان الجودة والاعتماد داخل أروقة مجلس
الشعب ، وأنهينا الدراسة بخاتمة تناولنا من خلالها بعض الاستنتاجات
لقرآة تفاصيل الدراسة توجد على مدونة الهامش و الطباشير
https://mirette.katib.org/node/176