(الجندر) .. المفهوم .. والغاية..!!
صفحة 1 من اصل 1
(الجندر) .. المفهوم .. والغاية..!!
(الجندر) .. المفهوم .. والغاية..!!
بقلم : د.نورة السعد
nora_23@anet.net.sa
مفهوم (الجندر) الذي أصبح يمثل (حجر الزاوية) في معظم بنود الاتفاقيات الدولية الخاصة بقضايا النساء والشباب والأطفال في سياق محاربة التمييز ضد النساء والدفاع عن حقوقهن..
هذا المفهوم له جذور تاريخية تبدأ من حركات تحرير المرأة في الغرب ثم الحركات النسوية (الفيمينزم) Feminism رغم تنوع مراحلها.
المؤيدون له يدافعون عنه بأنه وسيلة لرفع التمييز ضد النساء في العالم!! والمناهضون له يدركون عمق وخطورة ما يحمله من مضامين وأبعاد تجلت في بنود المؤتمرات الدولية ومؤتمرات المرأة وعلى وجه الخصوص ما جاء في بعض بنود (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) التي تم اعتمادها في عام 1979م وأصبحت سارية المفعول في عام 1981م. بعد توقيع خمسين دولة عليها وانضم الى تلك المجموعة عدد من الدول العربية والإسلامية التي تحفظت على عدد من البنود.
هذا المفهوم.. لا بد لمن يرغب معرفته لغوياً ووظيفياً من إدراك أنه يرتبط (ارتباطاً قوياً) بأهداف (الحركة النسوية) في الغرب.
وإذا انطلقنا من تعريفه سنجد أن هناك عدم وضوح في ترجمة هذه التعريفات فأحياناً يكون المرادف لكلمة Gender هو النوع الاجتماعي، الجنس الاجتماعي، الدور الاجتماعي، الجنس البيولوجي.
.. والجندر gender كلمة إنجليزية تنحدر من أصل لاتيني وتعني في الإطار اللغوي Genus أي الجنس من حيث الذكورة والأنوثة.
وإذا عدنا الى تعريف (أوكلي) أستاذة الأنثروبولوجيا والتي أدخلت هذا المصطلح الى علم الاجتماع سنجد أنها توضح أن كلمة Sex التي تترجم لدينا بأنها الجنس أي هل هو ذكر أم أنثى.. أي التقسيم البيولوجي.. بينما تشير كلمة gender الى التقسيمات الموازية وغير المتكافئة اجتماعياً للذكورة والأنوثة.
وهم يرون أن هذا (المصطلح) يشير الى المثل والصور النمطية الثقافية للرجولة والأنوثة أي ان الثقافات السائدة هي التي تحدث التغيير في فكرة (الأنثى) حول نفسها ودورها في المجتمع ثم مكانتها.. وبالتالي ما ينال المرأة من ظلم وتدن في المكانة وعدم حصولها على حقوقها سببه النمطية Stereotype التي يضعها المجتمع وثقافته فيما يخص دور المرأة أو دور الرجل.. وهم يرون أن تشكيل هذه الصورة النمطية للجندر هو نوع من تصورات عقلية مبالغ فيها ومتحيزة للرجال والإناث بحيث تنتشر وتتكرر في الحياة اليومية.. وكان الاهتمام منصباً لدى علماء الاجتماع والنفس في فترة السبعينيات على توضيح وجود (النوع) بمعنى توضيح أن (الفروق والتقسيمات بين الرجال والنساء) لا يمكن تفسيرها من خلال الفروق البيولوجية أي كون الرجل ذكراً والمرأة أنثى. وإنما من خلال أن الأفكار السائدة ثقافياً حول الرجولة والأنوثة هي صورة (نمطية) ليس لها علاقة دقيقة بالواقع.. واتضح لديهم - كما يقولون - وجود فروق هائلة بين الثقافات في الأفكار المتعلقة بالجندر (النوع) وحول (أدوار) الرجال والنساء.. وظهرت دراسات حول الطريقة التي يتحول بها الأطفال الصغار بنين وبنات الى رجال ونساء بالغين.. عبر عمليات (التنشئة الاجتماعية) طوال مراحل تربية الطفل، والتعليم، وثقافة الشباب، والممارسات المهنية وأيديولوجية الأسرة.. هذه النظرة التي من خلالها تم تشكيل (إطار الجندر) نجد أنها خاصة بالدور الثقافي وليس التقسيم البيولوجي الذي لا يمكن تجاوزه أو تغييبه لتمرير أفكار معينة ترغب في (مساواة مطلقة) بين الرجال والنساء دون مراعاة للفارق البيولوجي وما يتطلبه من المجتمع الذي يرغب (استثمار جهود النساء والرجال) ولكن وفق (منظومته العقدية) ووفق الأصل الإنساني للخليقة منذ ميلاد آدم.. وهي حقيقة لا ينبغي تجاوزها ثقافياً أو اجتماعياً!! أو إلغاؤها وفق أجندة (رائدات الجندرة)..
اتكاءة حرف
كان لقائي بمثقفات الرياض مساء يوم الأحد 1425/3/20هـ في ندوة (الأسرة بين النظم والقوانين الدولية والتشريعات الإسلامية) لقاءً (مهماً)؛ذلك أن التواصل مع هذه النخبة هو (إثراء) لي ليس لأنني شاركت بتقديم ورقة عن (الجندر) ولكن لأنه يؤكد الدور الثقافي المعرفي الذي تقدمه المرأة في مجتمعي والذي تمثل في رعاية حرم سمو ولي العهد صاحبة السمو الأميرة حصة بنت طراد الشعلان يحفظها الله لهذه الندوة المهمة واهتمام مكتبة الملك عبدالعزيز بهذه القضايا الحيوية المحورية.. خاصة في هذه المرحلة من إسقاطات (العولمة) إيجابياً وسلبياً.. فشكراً لكل من كان هناك.. ولكل من أسهم في نجاح هذه الندوة.
تقول إحدى المؤيدات (للجندر) في عالمنا العربي: "لقد حدث جدل كبير حول المفهوم وواجه هجوماً شرساً وتولد التفسير المغلوط للحركة الجندرية بأنها حركة تدعو للتحرر المتفسخ الذي يروج للعلاقات المثلية والشذوذ الجنسي وإلى تحميل الميول الجنسية للمرأة والرجل أكثر من هوية جنسية تم أخذها على أنها الأدوار الاجتماعية التي يتحدث عنها ويبشر بها مفهوم الجندر كنوع اجتماعي.
أما مرجع ذلك الهجوم فإلى جانب النفور والخشية من اهتزاز الناموس الاجتماعي فقد تعودنا - في بيئتنا العربية الإسلامية - على أن نعيد أشكال التمييز بين الرجال والنساء إلى الطبيعة، أي ننظر للتمييز كاستجابة للفوارق الطبيعية بين المرأة والرجل.. فالرجل مؤهل طبيعياً لأدوار طبيعية واجتماعية معينة، والمرأة كذلك. وبناء على ذلك ربطت الانوثة في معناها الطبيعي تاريخيا بالجهل وعدم التعلم وعدم الأهلية للتصدي لأدوار اجتماعية معينة، وعليه حوصرت المرأة في أدوار اجتماعية محددة وأبعدت عن أدوار تنموية ونهضوية كثيرة وقد جاء مفهوم النوع الاجتماعي ليؤكد أن البناءات الثقافية ليست مؤسسة على الطبيعة وانما مبنية ومؤسسة اجتماعياً.. ومفهوم الانوثة والذكورة ثقافياً غيره مفهومها البيولوجي.
ففي المفهوم الطبيعي (البيولوجي) المرأة مرأة والرجل رجل!! ولكل منهما وظائفه وأدواره الطبيعية غير القابلة للتغيير....." ثم تقول في موضع آخر من مقالاتها:
"إن مفهوم الجندر مؤهل لمواجهة الخطاب التقليدي الذكوري السائد وبث الثقافة الحقوقية ليس في أوساط النخب النساذية وعموم النساء فحسب،بل وأيضاً اختراق البنى الثقافية الفكرية للرجال.. كما أنه مرشح لبناء خطاب نسائي يعبر عن هموم المرأة وحقوقها المغيبة الفردية منها والجماعية التي يجري طمسها والسكوت عنها".
وإلحاقاً لما سبق أن قلت في مقالتي السابقة ان الجندر هو من ثمرات الحركة النسوية في الغرب فإن ما جاء على لسان تونغ Tong من رائدات الاتجاه النسوي الليبرالي قولها: "إن الاتجاه النسوي الراديكالي الليبرالي يؤكد أن المجتمع يتجه نحو الاعتقاد بأن قدرة النساء العقلية والجسدية بحكم طبيعتهن أقل من قدرة الرجال. ولذلك فقد تم عزل النساء عن الأجواء الأكاديمية والاقتصادية والحياة العامة. ونتيجة لسياسة العزل تلك ظلت القدرات الحقيقية لكثير من النساء غير مكتملة.." هذه رؤية تونغ والتي نقلتها تلك المؤيدة للاتجاه (الجندري) ونسبت الرؤية إلى (بيئتنا العربية الإسلامية)!!
وإذا عدنا إلى ما تهتم به (النسويات في الغرب) وخصوصاً الاتجاه الراديكالي منهن هو رفضهن لما يدور حسب قولهن في المجتمع البطريكي الذي يقوم على الاعتقاد بأن الدور الملائم للنساء هو ممارسة مجموعة من المهن المحددة مثل: التعليم والتمريض والأعمال الإدارية وبأنهن غير قادرات على القيام بمهن قيادية أو بوظائف دينية واستثمارية ويرى (المجتمع الذكوري) أن الوظائف البسيطة تلائم النساء.. وترى (النسويات) أن هذه النظرة والتصنيف والتوصيف الجنسي يتمثل في أبشع معاني التفرقة (وعدم المساواة بين الجنسين) ولأن النظام الذكوري الذي يقمع المرأة بالنسبة لهن هو نظام يتسم بالسلطة والطبقية والمنافسة ولا يمكن تعديله ولهذا لا بد من محوه تماماً من جذوره وفروعه!! ويقلن: إن أبوية النظام القانوني أو المؤسسات السياسية ليست هي التي يجب القضاء عليها وقلبها فقط، ولكن أيضاً (أبوية المؤسسات الاجتماعية والثقافية وخاصة "الأسرة" التي يجب القضاء عليها)!!
والكتابة الراديكالية في الغرب لمن هو مطلع على هذه الكتابات دائماً تتناول واحداً أو أكثر من الموضوعات الخاصة بالانجاب والأمومة والتقييم الجنسي من حيث الذكورة والأنوثة وجنسية المرأة.. كما أن فاير ستون Firestone ترى أن النظام الأبوي الذي يُخضع المرأة يستمد جذوره من عدم المساواة البيولوجية بين الجنسين ولذلك فهي عكس الماركسية والماركسيات الذين يرون أن التمييز الطبقي الحقيقي ليس من البورجوازيين والبروليتاريا بل هو ذلك الموجود بين الرجال والنساء وأن (علاقات الانجاب) وليس (علاقات الإنتاج) هي المحرك الرئيسي للتاريخ.. وان اضطهاد النساء يرجع إلى (الاختلافات البيولوجية) ولذلك فإن (تحرر المرأة) يتطلب (ثورة بيولوجية) في مقابل (الثورة الاقتصادية) التي قدمتها الماركسية.. وترى أن التقدم التكنولوجي الذي أسهم بإمكانية الجمع بين بويضة المرأة والحيوان المنوي للرجل والحمل بالجنين خارج الرحم سيسهم في أن يكون دور المرأة (العملية الانجابية) ليس أكبر من دور الرجل.
خاصة وأن الترتيبات القانونية مثل (الأمومة بالعقد) جعلت من الممكن للمرأة التي أنجبت تكون غير المرأة التي حملت والتي حملت غير المرأة التي ربت!!.
وأن النساء حالياً يمكن لهن إيداع بويضاتهن في بنوك خاصة كما سيتبرع الرجال بالحيوانات المنوية ومن ثم سيتخلص كل من الجنسين من أدوارهما المختلفة في عملية (الإنجاب) وهذا سيؤدي إلى تقليص كل الأدوار الجنسية.. وستتحرر النساء من (عملية الانجاب) التي ستربطهن بالمنزل والبقاء بعيداً عن سوق العمل!!
بقلم : د.نورة السعد
nora_23@anet.net.sa
مفهوم (الجندر) الذي أصبح يمثل (حجر الزاوية) في معظم بنود الاتفاقيات الدولية الخاصة بقضايا النساء والشباب والأطفال في سياق محاربة التمييز ضد النساء والدفاع عن حقوقهن..
هذا المفهوم له جذور تاريخية تبدأ من حركات تحرير المرأة في الغرب ثم الحركات النسوية (الفيمينزم) Feminism رغم تنوع مراحلها.
المؤيدون له يدافعون عنه بأنه وسيلة لرفع التمييز ضد النساء في العالم!! والمناهضون له يدركون عمق وخطورة ما يحمله من مضامين وأبعاد تجلت في بنود المؤتمرات الدولية ومؤتمرات المرأة وعلى وجه الخصوص ما جاء في بعض بنود (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) التي تم اعتمادها في عام 1979م وأصبحت سارية المفعول في عام 1981م. بعد توقيع خمسين دولة عليها وانضم الى تلك المجموعة عدد من الدول العربية والإسلامية التي تحفظت على عدد من البنود.
هذا المفهوم.. لا بد لمن يرغب معرفته لغوياً ووظيفياً من إدراك أنه يرتبط (ارتباطاً قوياً) بأهداف (الحركة النسوية) في الغرب.
وإذا انطلقنا من تعريفه سنجد أن هناك عدم وضوح في ترجمة هذه التعريفات فأحياناً يكون المرادف لكلمة Gender هو النوع الاجتماعي، الجنس الاجتماعي، الدور الاجتماعي، الجنس البيولوجي.
.. والجندر gender كلمة إنجليزية تنحدر من أصل لاتيني وتعني في الإطار اللغوي Genus أي الجنس من حيث الذكورة والأنوثة.
وإذا عدنا الى تعريف (أوكلي) أستاذة الأنثروبولوجيا والتي أدخلت هذا المصطلح الى علم الاجتماع سنجد أنها توضح أن كلمة Sex التي تترجم لدينا بأنها الجنس أي هل هو ذكر أم أنثى.. أي التقسيم البيولوجي.. بينما تشير كلمة gender الى التقسيمات الموازية وغير المتكافئة اجتماعياً للذكورة والأنوثة.
وهم يرون أن هذا (المصطلح) يشير الى المثل والصور النمطية الثقافية للرجولة والأنوثة أي ان الثقافات السائدة هي التي تحدث التغيير في فكرة (الأنثى) حول نفسها ودورها في المجتمع ثم مكانتها.. وبالتالي ما ينال المرأة من ظلم وتدن في المكانة وعدم حصولها على حقوقها سببه النمطية Stereotype التي يضعها المجتمع وثقافته فيما يخص دور المرأة أو دور الرجل.. وهم يرون أن تشكيل هذه الصورة النمطية للجندر هو نوع من تصورات عقلية مبالغ فيها ومتحيزة للرجال والإناث بحيث تنتشر وتتكرر في الحياة اليومية.. وكان الاهتمام منصباً لدى علماء الاجتماع والنفس في فترة السبعينيات على توضيح وجود (النوع) بمعنى توضيح أن (الفروق والتقسيمات بين الرجال والنساء) لا يمكن تفسيرها من خلال الفروق البيولوجية أي كون الرجل ذكراً والمرأة أنثى. وإنما من خلال أن الأفكار السائدة ثقافياً حول الرجولة والأنوثة هي صورة (نمطية) ليس لها علاقة دقيقة بالواقع.. واتضح لديهم - كما يقولون - وجود فروق هائلة بين الثقافات في الأفكار المتعلقة بالجندر (النوع) وحول (أدوار) الرجال والنساء.. وظهرت دراسات حول الطريقة التي يتحول بها الأطفال الصغار بنين وبنات الى رجال ونساء بالغين.. عبر عمليات (التنشئة الاجتماعية) طوال مراحل تربية الطفل، والتعليم، وثقافة الشباب، والممارسات المهنية وأيديولوجية الأسرة.. هذه النظرة التي من خلالها تم تشكيل (إطار الجندر) نجد أنها خاصة بالدور الثقافي وليس التقسيم البيولوجي الذي لا يمكن تجاوزه أو تغييبه لتمرير أفكار معينة ترغب في (مساواة مطلقة) بين الرجال والنساء دون مراعاة للفارق البيولوجي وما يتطلبه من المجتمع الذي يرغب (استثمار جهود النساء والرجال) ولكن وفق (منظومته العقدية) ووفق الأصل الإنساني للخليقة منذ ميلاد آدم.. وهي حقيقة لا ينبغي تجاوزها ثقافياً أو اجتماعياً!! أو إلغاؤها وفق أجندة (رائدات الجندرة)..
اتكاءة حرف
كان لقائي بمثقفات الرياض مساء يوم الأحد 1425/3/20هـ في ندوة (الأسرة بين النظم والقوانين الدولية والتشريعات الإسلامية) لقاءً (مهماً)؛ذلك أن التواصل مع هذه النخبة هو (إثراء) لي ليس لأنني شاركت بتقديم ورقة عن (الجندر) ولكن لأنه يؤكد الدور الثقافي المعرفي الذي تقدمه المرأة في مجتمعي والذي تمثل في رعاية حرم سمو ولي العهد صاحبة السمو الأميرة حصة بنت طراد الشعلان يحفظها الله لهذه الندوة المهمة واهتمام مكتبة الملك عبدالعزيز بهذه القضايا الحيوية المحورية.. خاصة في هذه المرحلة من إسقاطات (العولمة) إيجابياً وسلبياً.. فشكراً لكل من كان هناك.. ولكل من أسهم في نجاح هذه الندوة.
تقول إحدى المؤيدات (للجندر) في عالمنا العربي: "لقد حدث جدل كبير حول المفهوم وواجه هجوماً شرساً وتولد التفسير المغلوط للحركة الجندرية بأنها حركة تدعو للتحرر المتفسخ الذي يروج للعلاقات المثلية والشذوذ الجنسي وإلى تحميل الميول الجنسية للمرأة والرجل أكثر من هوية جنسية تم أخذها على أنها الأدوار الاجتماعية التي يتحدث عنها ويبشر بها مفهوم الجندر كنوع اجتماعي.
أما مرجع ذلك الهجوم فإلى جانب النفور والخشية من اهتزاز الناموس الاجتماعي فقد تعودنا - في بيئتنا العربية الإسلامية - على أن نعيد أشكال التمييز بين الرجال والنساء إلى الطبيعة، أي ننظر للتمييز كاستجابة للفوارق الطبيعية بين المرأة والرجل.. فالرجل مؤهل طبيعياً لأدوار طبيعية واجتماعية معينة، والمرأة كذلك. وبناء على ذلك ربطت الانوثة في معناها الطبيعي تاريخيا بالجهل وعدم التعلم وعدم الأهلية للتصدي لأدوار اجتماعية معينة، وعليه حوصرت المرأة في أدوار اجتماعية محددة وأبعدت عن أدوار تنموية ونهضوية كثيرة وقد جاء مفهوم النوع الاجتماعي ليؤكد أن البناءات الثقافية ليست مؤسسة على الطبيعة وانما مبنية ومؤسسة اجتماعياً.. ومفهوم الانوثة والذكورة ثقافياً غيره مفهومها البيولوجي.
ففي المفهوم الطبيعي (البيولوجي) المرأة مرأة والرجل رجل!! ولكل منهما وظائفه وأدواره الطبيعية غير القابلة للتغيير....." ثم تقول في موضع آخر من مقالاتها:
"إن مفهوم الجندر مؤهل لمواجهة الخطاب التقليدي الذكوري السائد وبث الثقافة الحقوقية ليس في أوساط النخب النساذية وعموم النساء فحسب،بل وأيضاً اختراق البنى الثقافية الفكرية للرجال.. كما أنه مرشح لبناء خطاب نسائي يعبر عن هموم المرأة وحقوقها المغيبة الفردية منها والجماعية التي يجري طمسها والسكوت عنها".
وإلحاقاً لما سبق أن قلت في مقالتي السابقة ان الجندر هو من ثمرات الحركة النسوية في الغرب فإن ما جاء على لسان تونغ Tong من رائدات الاتجاه النسوي الليبرالي قولها: "إن الاتجاه النسوي الراديكالي الليبرالي يؤكد أن المجتمع يتجه نحو الاعتقاد بأن قدرة النساء العقلية والجسدية بحكم طبيعتهن أقل من قدرة الرجال. ولذلك فقد تم عزل النساء عن الأجواء الأكاديمية والاقتصادية والحياة العامة. ونتيجة لسياسة العزل تلك ظلت القدرات الحقيقية لكثير من النساء غير مكتملة.." هذه رؤية تونغ والتي نقلتها تلك المؤيدة للاتجاه (الجندري) ونسبت الرؤية إلى (بيئتنا العربية الإسلامية)!!
وإذا عدنا إلى ما تهتم به (النسويات في الغرب) وخصوصاً الاتجاه الراديكالي منهن هو رفضهن لما يدور حسب قولهن في المجتمع البطريكي الذي يقوم على الاعتقاد بأن الدور الملائم للنساء هو ممارسة مجموعة من المهن المحددة مثل: التعليم والتمريض والأعمال الإدارية وبأنهن غير قادرات على القيام بمهن قيادية أو بوظائف دينية واستثمارية ويرى (المجتمع الذكوري) أن الوظائف البسيطة تلائم النساء.. وترى (النسويات) أن هذه النظرة والتصنيف والتوصيف الجنسي يتمثل في أبشع معاني التفرقة (وعدم المساواة بين الجنسين) ولأن النظام الذكوري الذي يقمع المرأة بالنسبة لهن هو نظام يتسم بالسلطة والطبقية والمنافسة ولا يمكن تعديله ولهذا لا بد من محوه تماماً من جذوره وفروعه!! ويقلن: إن أبوية النظام القانوني أو المؤسسات السياسية ليست هي التي يجب القضاء عليها وقلبها فقط، ولكن أيضاً (أبوية المؤسسات الاجتماعية والثقافية وخاصة "الأسرة" التي يجب القضاء عليها)!!
والكتابة الراديكالية في الغرب لمن هو مطلع على هذه الكتابات دائماً تتناول واحداً أو أكثر من الموضوعات الخاصة بالانجاب والأمومة والتقييم الجنسي من حيث الذكورة والأنوثة وجنسية المرأة.. كما أن فاير ستون Firestone ترى أن النظام الأبوي الذي يُخضع المرأة يستمد جذوره من عدم المساواة البيولوجية بين الجنسين ولذلك فهي عكس الماركسية والماركسيات الذين يرون أن التمييز الطبقي الحقيقي ليس من البورجوازيين والبروليتاريا بل هو ذلك الموجود بين الرجال والنساء وأن (علاقات الانجاب) وليس (علاقات الإنتاج) هي المحرك الرئيسي للتاريخ.. وان اضطهاد النساء يرجع إلى (الاختلافات البيولوجية) ولذلك فإن (تحرر المرأة) يتطلب (ثورة بيولوجية) في مقابل (الثورة الاقتصادية) التي قدمتها الماركسية.. وترى أن التقدم التكنولوجي الذي أسهم بإمكانية الجمع بين بويضة المرأة والحيوان المنوي للرجل والحمل بالجنين خارج الرحم سيسهم في أن يكون دور المرأة (العملية الانجابية) ليس أكبر من دور الرجل.
خاصة وأن الترتيبات القانونية مثل (الأمومة بالعقد) جعلت من الممكن للمرأة التي أنجبت تكون غير المرأة التي حملت والتي حملت غير المرأة التي ربت!!.
وأن النساء حالياً يمكن لهن إيداع بويضاتهن في بنوك خاصة كما سيتبرع الرجال بالحيوانات المنوية ومن ثم سيتخلص كل من الجنسين من أدوارهما المختلفة في عملية (الإنجاب) وهذا سيؤدي إلى تقليص كل الأدوار الجنسية.. وستتحرر النساء من (عملية الانجاب) التي ستربطهن بالمنزل والبقاء بعيداً عن سوق العمل!!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى