دعاة الاقتصاد الإسلامي .. يبيعون الوهم ويخفون الحقائق.! (الجزء الثاني)
صفحة 1 من اصل 1
دعاة الاقتصاد الإسلامي .. يبيعون الوهم ويخفون الحقائق.! (الجزء الثاني)
ولا أظن أن طرح الأمور الفنية في هذا السياق يخدم الفكرة الأساسية وإنما سيكون مجرد ثرثرة لا داع لها فمن البديهي لكل من لديه الماما بسيطا بعلم الاقتصاد والعلوم المصرفية دور إلية سعر الفائدة كمؤشر في العمل المصرفي التقليدي فيما تعمل البنوك الإسلامية من خلال طريقة خاصة بها في التشغيل بحسب صيغ التمويل الإسلامية المعروفة في المرابحة والمشاركة والاستصناع والمضاربة. وكلها كما يراها الكثير من خبراء المال أنها مجرد تحايل لا أكثر ولا اقل كون أن الهدف الرئيسي هو تحقيق الربح لأصحاب المصرف. أما المبدأ الثاني في الاقتصاد الإسلامي فيتعلق بموارد الدولة وهذا المبدأ لا يختلف عن المعمول به في النظام الرأسمالي إلا بتسمية إحدى مصادر موارد الدولة وهي ما يسمى بالزكاة ، وهي عمليا نظام جباية ضرائبي تمارسه كل الدول ذات النظام الرأسمالي، الفارق الوحيد انه ضريبة على المدخرات وليس على العائدات. لكنها لا تؤثر بأي شكل على كون الاقتصاد الإسلامي اقتصادا رأسماليا. المبدأ الثالث هو ذاك المتعلق بالملكية الخاصة، حيث يحمي النظام الإسلامي الملكية الخاصة، ويقر حق الأفراد تملك الأرض والعقار ووسائل الإنتاج المختلفة مهما كان نوعها وحجمها. مع بعض القيود التي تمنع تجاوز الأفراد للحق العام. وهذا البند في الحقيقة هو جوهر الاقتصاد الإسلامي الذي يقدس مثله كما الاقتصاد الرأسمالي على مبدأ قدسية الملكية الخاصة، وقدسية الربح. وباقي القواعد الأخرى هي مجرد عناصر لتهذيب وتشذيب هاتان القدسيتان، أي بمعنى أنهما لا يزيدا عن كونهما قواعد أخلاقية لتحقيق نوع من التكافل الاجتماعي لتخفيف وحشية أصحاب الملكيات الخاصة، وعدم انفلات الطمع والجشع من عقاله تحت باب حق الربح المقدس. ولذلك فان الشريعة الإسلامية عززت مسألة شرعية الملكية الخاصة، لذلك فان الاستعانة بالسفسطائية والنفاق، لا يمكنها أن تخفي التناقضات التي يتخبط الاقتصاد الإسلامي، باعتباره اقتصادا رأسماليا جائرا مثله مثل الاقتصاد الذي وضع أسسه المعاصرة "آدم سميث" في كتابه ثروة الشعوب في نهاية القرن الثامن عشر. وكما شهدت العصور الإسلامية على إطلاقها فان دعاة الإسلام السياسي المعاصرين سوف يتنكرون للروح الإنسانية التي يروجون لها، لان القاعدة الأساسية تقوم أصلا على استغلال الإنسان للإنسان لأنه بدون هذا الاستغلال وفي ظل تقديس الملكية الخاصة لا يمكن أن يتحقق الربح وهو الهدف المقدس الآخر للنظام الاقتصادي الإسلامي. فالبنود التي تتضمنها قواعد الاقتصاد الإسلامي مثل الصدقات والأوقاف وتغليب المنفعة العامة على الخاصة ومراقبة السوق والشفافية وطابع "الخيرية" هي ذاتها وان بمفردات ومسميات مختلفة التي شكلت مطالب الثورات والحركات التي طالبت بتغيير قواعد النظام الاقتصادي "المركنتيلي" المتوحشة. ومع أن دعاة التغيير آنذاك شددوا على ضرورة سيادة الروح الإنسانية ، وطابع التكافل، وتقييد وحشية أصحاب الملكية الخاصة، وإعلاء أواصر الصداقة والمودة بين الشعوب والدول وبين الإفراد، ورسموا صورة رائعة متألقة عن النظام الجديد، تماما كما يحاول دعاة الاقتصاد الإسلامي، من منظري تيارات الإسلام السياسي. وبالرغم من القواعد الجديدة التي ذكرها سميث في مؤلفه وأصبحت تمثل " تعاليم سماوية" لمنظري وقادة النظام الرأسمالي إلا أنها ولدت نظام عبودية جديد "مجتمع العمال" وإذ بالبشرية أمام نظام متوحش لا يقل بأي حال عن العبودية القديمة التي تفتقر لأبسط مظاهر الإنسانية بل اشد قسوة وفظاظة. فالنظام الرأسمالي الجديد الذي وضع أسسه ادم سميث ، يقوم على حرية التجارة ، ولا نظن أن الاقتصاد الإسلامي يقوم على غير حرية التجارة، ويقوم على تعظيم الربح، ولا نعتقد أن الإسلام يحرم تعظيم الربح، وعلى استغلال الأيدي العاملة، ولا نظن أن الاقتصاد الإسلامي يحرم استغلال العمال، ويقوم على حماية الملكية الخاصة، ولا نعتقد أن الإسلام يحرم الملكية الخاصة، ويقوم على تقسيم المجتمع إلى طبقات، ولا نظن أن الإسلام يحرم الطبقات، ويقوم على تقديم معونات اجتماعية للطبقات الفقيرة من خلال مؤسسات الضمان الاجتماعي، وهو نظام أكثر تطورا من نظام الصدقات في الإسلام، ويقوم على تكافوء الفرص والشفافية ، وهو نظام أكثر تطورا من حيث الآليات وأجهزة الرقابة من مبدأ الشفافية في الاقتصاد الإسلامي. فالاقتصاد الإسلامي مثله مثل غيره من الاقتصاديات يقوم على التجارة والتي تعني تبادل المنتجات بين الناس (بيع وشراء) وطالما أنها تجري في ظل الملكية الخاصة فإنها لا بد وان تصبح مصدرا مباشرا للدخل بالنسبة للتجار، وهدفها الرئيسي هو الربح، وحتى يتحقق الربح لا بد وان يبيع التاجر بسعر أغلى ما يمكن، وان يشتري بأرخص ما يمكن. وما بين عملية الشراء وعملية البيع هناك مرحلة الإنتاج، والذي يقوم بالإنتاج هو طرف ثالث (العامل) ولما كان الذي يبيع لا بد له أيضا من تحقيق الربح ، لتصبح المعادلة هي : يحقق التاجر ربحا عندما يبيع منتجاته ، ويحقق التاجر المشتري ربحا عندما يقوم لاحقا ببيع ما اشتراه وحتى لو كان هناك تاجرا ثالثا أو رابعا اشترك في العملية فكلهم سوف يحققوا الربح ، إذن ألا يتبادر إلى الذهن من أين يأتي الربح لكل هؤلاء؟؟ أن الربح يأتي من خلال استغلال العامل لا أكثر ولا اقل. أي من خلال ما يستحقه العامل مقابل ما أنتجه وبين ما حصل عليه فعليا من أجرة. هذا بالضبط جوهر النظام الرأسمالي حيث يتحقق الربح من خلال الفارق بين ما يتقاضاه المنتجون وبين ما يستحقونه فعليا وهذا ما عبر عنه ماركس ب "فائض القيمة". فهل الاقتصاد الإسلامي يقوم على قاعدة مختلفة أم انه يقوم على نفس القاعدة ؟؟؟ وهل ينكر الاقتصاد الإسلامي انه يجوز في التجارة استخلاص أكبر نفع ممكن من عدم اطلاع الجانب المضاد، من سرعة تصديقه، كما يجوز بالقدر نفسه للتاجر أن ينسب إلى بضاعته صفات لا تملكها. خلاصة القول إن التجارة خداع يجيزه القانون. "ماركس - أسس الماركسية". ولذلك تتدخل الدولة الرأسمالية في السوق لمنع التلاعب ومنع الاحتكار ومنع الغش والخداع وهناك قوانين صارمة وضعتها الدول الرأسمالية المتحضرة في هذا المجال. وهناك مبدأ رئيسي آخر في الاقتصاد الإسلامي وهو ذاته يعتبر أساسا في النظام الرأسمالي حيث يرى الاقتصاد الإسلامي أن تظل المرافق المهمة لحياة الناس في ملكية الدولة أو تحت إشرافها وسيطرتها من أجل توفير الحاجات الأساسية لحياة الناس ومصالح المجتمع. وهذا النظام أيضا يعتبر ركنا أساسيا في النظام الرأسمالي حيث تدير الدولة جميع المؤسسات السيادية والمنشات والمرافق الهامة ، وإذا كانت بعض النظريات الاقتصادية الرأسمالية الحديثة (التاتشرية الريغانية) منذ ثمانينات القرن الماضي قد عظمت من نظام الخصخصة وتحويل الكثير من المرافق الأساسية في الدولة إلى القطاع الخاص، فان نظم رأسمالية أخرى كثيرة كما في فرنسا أو دول شمال أوروبا (السويد هولندا النرويج) والى حد ما ألمانيا وايطاليا كانت أكثر تحفظا وظلت الدولة تسيطر على وسائل المواصلات وشركات الكهرباء والماء والجامعات والمستشفيات إلى آخره. أي أنها حافظت على ملكية الدولة للمرافق الأساسية. وإذا نظرنا إلى بعض الجوانب الفرعية في الاقتصاد الإسلامي وهي ذات أبعاد اجتماعية أكثر منها اقتصادية مثل نظام الإرث ، ونظم التكافل الاجتماعي مثل الصدقات والأوقاف، وتغليب المنفعة العامة على المنفعة الفردية ويشمل ذلك ما يتعلق بالممتلكات العامة والممتلكات الفردية، بالإضافة إلى ما سبق وذكرنا حول مبدأ الشفافية. فكل ما سبق من جوانب تعتبر قواعد أساسية في النظام الرأسمالي وقد طورت الدول هذه الجوانب لتلبي وتتناسب مع الاحتياجات الاجتماعية المعاصرة. وحتى لو ظل هناك تبيانا واختلافا حتى لو كان جوهريا بين النظم الإسلامية ونظم الدولة الرأسمالية الحديثة فان الأساس هو نفسه لا يتغير وهو النظام الرأسمالي. وفي النهاية فأعود للتأكيد على أن كل الخلافات التي يتبجح بها دعاة الإسلام السياسي ليست إلا جوانب تجميلية للنظام الرأسمالي لا أكثر ولا اقل، طالما إن القاعدة تقوم على تقديس الملكية الفردية وتقديس مبدأ الربح، هذا المبدآن اللذان سيظلان يفرخان الأزمات والهزات الاقتصادية، وسيظل هذا النظام يفرز إشكالا متجددة من العبودية والاستغلال واضطهاد الطبقات الفقيرة والمنتجة سواء أطلق عليه اسم نظام رأسمالي إسلامي أو نظام رأسمالي كافر. ابراهيم علاء الدين alaeddinibrahim@yahoo.com
مواضيع مماثلة
» دعاة الاقتصاد الإسلامي .. يبيعون الوهم ويخفون الحقائق.! (الجزء الاول)
» الاقتصاد الاسلامي الفاشل .. (الجزء الثاني)
» الاقتصاد الاسلامي الفاشل .. (الجزء الاول)
» قوميتنا فلسطينية رغم انف حزب التحرير واسرائيل (الجزء الثاني)
» الحرب والعدوانية في الأدب العبري - الجزء الثاني والاخير
» الاقتصاد الاسلامي الفاشل .. (الجزء الثاني)
» الاقتصاد الاسلامي الفاشل .. (الجزء الاول)
» قوميتنا فلسطينية رغم انف حزب التحرير واسرائيل (الجزء الثاني)
» الحرب والعدوانية في الأدب العبري - الجزء الثاني والاخير
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى